نفحات7 ـ البترول : روح الحضارة العصرية ـ الإنتاج
الرّئيسية > عصـرنـا > البتـرول : روح الحضارة العصريـة > الإنتاج



مرحلة الإنتاج

عند نهاية الحفر تجرى عمليات قياسات واختبارات لضبط حدود الطبقات ، وتحديد طاقة البئر الإنتاجية ، ونسب السوائل ( ماء ، بترول ، غاز ) في المنتوج الخام .
بعد ذلك يجهّز البئر لجني ثمرته .

تجهيز الآبار

هناك تصميمات عديدة لتجهيز آبار البترول حسب قوة إنتاجها ، وضغطها ، وخصائص صخورها الخازنة . فإذا كانت هذه الأخيرة من النوع الهش ، السهل الإنهيار ، خاصة عند اندفاع السوائل المضغوطة ، يوضع لها تبطينا خاصا Liner ، ثم يثقب بدقّة في المواضع المنتجة فقط ، بواسطة " خراطيش " تُفَجّر بالقاع . أما إذا كان الخزّان كله عالي الإنتاج ، ويتعذّر إهمال أي جزء منه ، فإنه يُبَطَّن بأنابيب مثقوبة سلفا عند تصنيعها ، تحتجز المواد الصلبة وراءها ، وتسمح للسوائل باجتيازها . وقد تُتْرك الطبقة المنتجة بدون تبطين أصلا في حالة صلابة بنيتها بما فيه الكفاية لتنتج من غير التسبب في تعقيدات .
ثم يوصل القاع بالسطح بخطّ أنابيب Tubing من غير حاجة لتثبيته بالإسمنت ليتسنّى تبديله إذا اقتضت الظروف . يسلك البترول المضغوط طريقه إلى الخارج داخل أنابيب الإنتاج ، ثم يصرف بواسطة معدّات السطح (حنفيات ، وتفريعات) Christmas tree , Tête de puit ، إلى خط أنابيب أخرى Pipe line لنقله إلى مراكز ضخمة لتنقيته من الأجسام الصلبة ، وفصل ما علق به من مياه وغازات Séparation .

كيف ننتج ؟

إن فلسفة وسياسة الإنتاج في ميدان المحروقات هي نفسها في غيره من مختلف الإستثمارات ، وهي تحقيق الأهداف المسطّرة بأقلّ كلفة ، وعلى أطول مدى ممكن بمستويات عطاء مستقرّة نسبيا . لهذا فإن إنهاء حفر بئر بترولية هو في الحقيقة مرادف لبداية منظومة واسعة متكاملة من برامج صيانته ، والمحافظة على معدّلات مُرْضِية في مساهمته في الإنتاج العام .
  • هناك المتابعة اليومية الدورية لكل آبار الحقل Surveillance بالتنقل إلى عين المكان أو الإشراف عن بعد Télémetrie ، وتسجيل ضغطها ، ودرجة حرارة خامها ، وقوة إنتاجها ، وأخذ عيّنات لقياس درجة ملوحتها ، وطبيعة الماء الممزوج بها ، والتأكد من سلامة التجهيزات في محيط البئر .
  • الإشراف بانتظام على تطبيق برنامج تنظيف يومي أو أسبوعي Wire line بداخل بعض الآبار لإزالة ترسبات مواد البترول الثقيلة على طول جدران أنابيب الإنتاج كـ " البرافين " و " الأسفالت " وطبقات الملح المتصلّب .
  • ضخ آلي مستمر لكميات من الماء المعالج كيميائيا داخل بعض الآبار لتذويب الأملاح المرافقة للمياه الجوفية Dessalage ، ومنعها من التكوّن حتى لا تحدث انسدادا في الأنابيب ، وتوقف الإنتاج .
  • إستعمال تقنيات أضخم فأضخم حسب التعقيدات الحاصلة مع مرور الزمن ، مثل تنقية الآبار من ترسبات فتات الصخور المخلوط بالنفط الذي يرتفع منسوبه حتى يشكّل عقبة حقيقية في وجه تدفق الإنتاج ، وذلك بإنزال أدوات صلبة وتدويرها ، بهيئة تشبه إلى حدّ بعيد طريقة الحفر التي تكلّمنا عنها في فصل سابق .
    وقد يكون الهدف إزالة أداة ، أو جزء طويل مكوّن من أنابيب سقطت بقاع البئر أثناء العمل بالخطإ أو بفعل خلل في الآليات Fishing , Instrumentation ، وهو مجال واسع ، تستعمل فيه أنواع كثيرة من الأدوات ، ويلعب فيه الخيال والذكاء في تصور المشكلة التصور الصحيح دورا كبيرا .
  • وقد تكون حقيقة المشكلة كامنة في تلف كبير يصيب تبطينات البئر الأساسية جرّاء الحركة الأرضية ، أو تأكسد المعدن بفعل المياه المتسرّبة إليه خلال شقوق في الإسمنت ، أو بقاء أجزاء منه غير مغلفة عند وضعه قبل سنوات . إنها عملية إصلاح جذرية Work over ، لا تقل أهمية وتعقيدا عن عملية التنقيب نفسه .

العمليات الخاصة Opérations spéciales

  • ضخ كميات من حامض خفيف التركيز لإزالة الطبقات الطباشيرية المتسببة في اسداد المسام بقاع البئر Acidification ، وحثه على زيادة الإنتاج Stimulation .
  • غسل جدران الخزّان Lavage بمادة من مشتقّات البترول Réformat ، من شأنها تذويب المواد الثقيلة المترسبة .
  • إحداث صدع Fracturation بالخزان بضخ سائل لزج كثيف ، ممزوج بأجسام صلبة تطيل من وقت انفتاح الصدع ، لتنشيط الطبقة ، واستعادة ما فُقِدَ من إنتاج البئر .

الإنتاج الثانوي Secondery recovery , Récuperation assistée

عند انخفاض ضغط الخزّان بعد مدّة من استغلاله ، وتعذّر استخراج النفط بقوة الدفع الطبيعية وحدها ، وهذا يعني انخفاض مردودية الحقل ، تتدخّل التكنولوجيا لإصلاح ما أفسده الزمن ، ولتعويض دورها أو بعض من دورها لاستدراك ما فات .
  • يعاد تجهيز الآبار التي فقدت من طاقتها الإنتاجية وتُزوَّد بمعدّات يمكن بواسطتها ضخ الغاز عند مستوى مدروس من أعماقها بقصد مزجه بالنفط العاجز تحت تأثير وزنه عن الصعود إلى الخارج Gas lift ، وبالتالي التقليل من كثافته النوعية ومساعدته على الإنطلاق إلى الأعلى .
  • إنشاء شبكة من آبار حقن الحقل بالغاز والماء في عملية عكسية تُرْسَل أثناءها المواد المذكورة بدون انقطاع عبر تلك الآبار ، فتتسرّب في كل الإتجاهات ، وتعيد ملئ المسامات ، وتكوّن جبهة متحركة تسوق بقوة دفعها الجديدة نسبا ممّا تخلّف من البترول عندما تدنّى الضغط الطبيعي . إنها عملية " كنس" أثبتت نجاعتها في تمديد عمر الحقل لسنوات عديدة برغم السلبيات والمشاكل التي تصاحبها . إن الهاجس الأول للخبراء والمستثمرين والإستراتيجيين هو البحث عن السبل الأنجع لإستغلال أكبر لأن البترول طاقة غير متجددة ، وأن ما يستعصي عن الإنتاج منه بغير الوسائل المتطورة يكاد لا يحصى .
  • الإختبارات الدورية للآبار بمساهمة العديد من المصالح المختصة لإعداد برامج حملات من الإصلاحات الخاصة ، أو تجربة تقنيات ونظريات مستحدثة ، وهذا في حد ذاته ذو صلة وطيدة بالتكوين المستمر للمستخدمين ، وبمواكبة الجديد في عالم المحروقات مثل تنظيم المؤتمرات ، وحضورها ، والإتصال الدائم بأهل الإختصاص والتجربة .
<< التنقيب    النقل >>