نفحات7 ـ البترول : روح الحضارة العصرية ـ التنقيب
الرّئيسية > عصـرنـا > البتـرول : روح الحضارة العصريـة > التنقيب



الحفر التنموي Développement

إسم يطلق على عملية استغلال حقل ذي خصائص معروفة بعد إنهاء كل تجارب الحفر الإستكشافي .ويبدأ الحفر ، ويستمرّ حسب المخزون المقدّر والممكن استخراجه ، ووفق مساحة الحقل ، ولذلك فإن عدد الآبار المنجزة يختلف من بضع عشرات إلى بعض مئات ، وقد يتجاوز الألف .
التنقيب Drilling , Forage

بعد الإجراءات القانونية والإدارية اللاّزمة مع الأجهزة المعنية في الدولة التي بها الحقل المراد استغلاله ، يُشرع في تطبيق برنامج العمل مرحلة بمرحلة ، ويشهد الإقليم حركة دائبة متصلة لوسائل ضخمة لنقل كل أصناف الإمدادات .
يحدد مكان الحفر ، وتحدد إحداثيات البئر ومستواه بالنسبة لسطح البحر ، وتسوّى الأرض المحيطة به ، وتفتح الطريق وتعبّد ، وتحضّر كل معدّات التنقيب :
  • الصاري Rig , Derrick : برج فولاذي يتجاوز علوّه الثلاثين مترا ، وهو بمثابة الهيكل العظمي الحامل لكل الجسد .
  • المحركات العملاقة : مصدر جميع الطاقات .
  • المضخات .
  • حاويات تخزين الماء ، ووحل التنقيب (أو طينة التنقيب) ، والوقود .
  • أنابيب الحفر .
  • معدّات من لوازم الحفر .
  • مكاتب متنقلة للمشرفين ، والتقنيين ، والإداريين .
  • مخابر
  • وسائل اتصالات عن بعد بالقواعد وأصحاب القرار .
  • مخزن للعتاد .
  • مجمّع سكني متنقل ، بجميع مرافق الحياة .
يبدأ الحفر من نقطة الصفر على سطح الأرض بتدوير آليٍّ لأداة الحفر Drilling tool , Trépan ( ذات الأسنان المعدنية القوية ، أو الواجهة الماسية لمقاومة الصخور شديدة الصلابة) المثبّتة بطرف أنبوب فولاذي خاص بطول يزيد قليلا على 9 أمتار Drill pipe , tige de forage ، والمثبّت بدوره من طرفه الثاني ـ من جهته العليا ـ بأداة ثقيلة ضخمة ذات أذرع ممسوكة بواسطة حبال فولاذية سميكة جدا تمرّ عبر مجموعة بكرات بأعلى الصاري ، تمكّنه من الحركة صعودا ونزولا حسب الحاجة .
وتترافق عملية الحفر بضخ سائل يسمى " وحل التنقيب " Drilling mud , Boue de forage بداخل الأنبوب ، ينزل حتى مستوى أداة الحفر ويمرّ عبر ثقوبها المعدّة لهذا الغرض ، ثم يعود إلى الخارج سالكا الفراغ الموجود بين أنبوب الحفر وجدران الحفرة نفسها ( انظر الشكل بالأسفل ) .

سائل وحل التنقيب

هو سائل أساسه الماء أو " القازول " Gas oil ممتزج بمواد ومساحيق كيميائية ، وله أنواع كثيرة تختلف باختلاف خصائصه كالكثافة ، واللزوجة ، والتركيز . إنه علم قائم بذاته ، وفنّ شاسع شهد تطورات عظمى عبر تاريخ البحث عن البترول وإنتاجه ، وقامت على أسسه شركات كبرى في العالم ، وتخصص في معارفه الكثير ، ويكفيك أهمية له أنه لولاه ما حُفِر بئر للنفط .
وتكمن أهميته في جوانب عديدة ، نذكر منها ما يلي :
  1. إنه المسؤول المباشر عن إزالة مادة الصخور المطحونة أثناء التنقيب ، وإخراجها إلى السطح محمولة في تيّاره ، فيمرّ بغرابيل خاضعة لارتجاج دائم Tamis vibrants تطرح الأجسام الصلبة منه ، ثم ينفذ من خلال ثقوبها إلى حاويات ، وهكذا في دورة مغلقة ، ومن غيره لا توجد وسيلة أخرى لتنقية أعماق البئر .
    هذه الصخور المفتّتة تخضع لتحليل مستمر بعين المكان وعلى مدار الساعة ، لتسجيل الإنتقال من طبقة إلى أخرى ، واكتشاف كل ما يمكن أن يكون بين حناياها من مواد .
  2. بما أنّ السائل الوحلي يأتي من السطح فإن درجة حرارته تكون مساوية لحرارة الجوّ العادية ، وهي درجة منخفضة جدا بالقياس إلى الحرارة السائدة عند مستوى أداة الحفر بفعل العمق والإحتكاك بالصخور ، وبذلك فإنه يقوم بتبريدها باستمرار .
  3. عند نفوذه من ثقوب أداة الحفر ، وبدء الصعود لإتمام الدورة ، فإنه يملأ التجويف المشار إليه أعلاه بين أنابيب الحفر والحفرة ، ويكون بذلك أمثل ماسك لجدرانها ، ومنعها من الإنهيار ، خاصة إذا كانت هشّة عند مستوى معين .
  4. أثناء عمليات الحفر ، يتصادف اختراق مناطق تختزن مياه ، وغازات مضغوطة ، تتدفق تلقائيا إلى الخارج على حين غرّة ، وتتسبب في كوارث لولا كميات سائل الحفر الذي يملؤ البئر في كل لحظة ، ويعطي من الضغط المضاد ما يكفي كي يمنعها من الإنطلاق .
اختيار السائل الوحلي

يختار بعد دراسة دقيقة لنوعية الطبقات المخترقة أثناء الحفر . وتستعمل الأنماط المائية المشبّعة بالملح إذا تعلق الأمر بطبقات مِلْحِية لأن الماء الطبيعي يتسبب في إذابة الأملاح المكوّنة لجدران الحفرة عند ذلك الطور ، ويحدث ما يشبه الكهوف Cavernes المحفورة في كل الإتجاهات ، وهو من قبيل التعقيدات التي يمكن أن تؤدي إلى فشل العملية . ويستعمل (أي النمط المائي) كذلك عند الطبقات شديدة النفاذية المكونة من تلاحم حُبَيْبات الأتربة ، ممزوجا بمواد تكتسب عند اختلاطها بالماء قدرة على نشر طبقة ملساء لزجة تقلل من مفعول امتصاص السائل من خلال جدرانها .
وإذا كانت الطبقات ذات تركيبة طينية ، فإنّ النمط المصنوع بالقازول هو الأنسب ، لأن الصنف المائي يتسبب في انتفاخ الطين عند ملامسته وازدياد حجمه ، ثم الإنطباق على وسائل الحفر قبالته Stuck pipe , Coincement du train de forage ، وهي مشكلة يخشاها خبراء التنقيب كثيرا لأن من نتائجها تعرّض المشروع إلى الفشل .

التّبطين Casing , Tubage

لا يتمّ حفر البئر البترولي من الصفر إلى آخر نقطة بنفس المقاس ، بل يبتدأ فيه بمقاسات كبيرة نسبيا إلى عمق معيّن ثم يتوقّف الحفر ، وتنزل بداخل الحفرة مجموعات من الأنابيب الواحدة مثبتة بالأخرى حتى نهايتها . تضخّ كمية محسوبة من الإسمنت السائل بداخلها ، ثم تدفع بضخ سائل وحل التنقيب من ورائها حتى تستقرّ ( أي الإسمنت ) وراء الأنابيب وتملأ التجويف الموجود بينها وبين جدران الحفرة ، وتساهم في إحكام إمساكها في مكانها حين تجفّ . هكذا يصبح لدينا حفرة مبطّنة آمنة ، جدرانها من معدن Cased hole ( انظر الرسوم بالأسفل ) .
ملاحظة : الأنابيب المخصصة لحمل أدوات الحفر ليست من نوع أنابيب التبطين . أنابيب الحفر ذات خصائص معدنية وميكانيكية متميّزة جدّا كالصلابة ، والمرونة ، والقابلية لمقاومة الجذب والضغط ، وهي باهضة الثمن .


لماذا نبطّن آبار البترول

الأسباب كثيرة لكنها كلها من أجل الحفاظ على ما أنجز .
  • إذا كانت جدران الحفرة في مرحلة من مراحلها هشّة تنهار باستمرار فإن تبطينها يصبح ضرورة مُلِحّة .
  • عند اختراق خزّانات من المياه الجوفية فإن اختلاط الماء بسائل وحل التنقيب أثناء دورته الدائمة يتسبب في تغيير جميع خصائصه ، ولا بد إذن من عزله .
  • إذا اصطدمنا أثناء الحفر بطبقات ذات خصائص متناقضة لا يُجْزئ فيها نوع واحد من السائل الوحلي ، بل إنّ ما يصلح لهذه يضرّ بتلك ، فإن الحلّ هو عزل الطبقة العليا بتبطينها ، ثم مواصلة العمل .

وماذا بعد التبطين ؟

بعده ، يتواصل الحفر بأداة أقلّ من سابقتها ، لأن مقاس الحفرة (قطرها) قد انخفض ، إلى أعماق تظهر عندها ضرورة التبطين من جديد ، فتعاد العملية باستعمال خط أنابيب مناسب ، وبنفس تقنيات التثبيت . وهكذا مرّتين أو ثلاث ـ بحسب طبيعة وتكوين باطن الحقل المعروف سلفا ـ إلى أن يُدْرك مستوى سطح الخزّان ، ويراد به ـ اصطلاحا ـ بداية الطبقة الرسوبية الحاملة للبترول أو الغاز .عند هذا الحد ينتهي الحفر الرحّوي Rotary drilling , Forage rotary ، المعتمد على تفتيت الصخور ، ويحلّ محلّه حفر بأدوات خاصة تخترق الطبقة " بابتلاع " عينات كاملة من مادة الخزّان ، لإجراء الدراسات اللاّزمة على مكوّناتها ، ونفاذيتها ، ومساميتها ، ونسب السوائل الموجودة فيها .
إنها مرحلة مشتركة بين خبراء التنقيب وخبراء الإنتاج ، لأن الطبقة الخازنة بما تحتويه مِلْك للشركة المنتجة ، وكل مساس بها يتطلب تدخلها في كل تفاصيله .

<< الإستكشاف    الإنتاج >>