بقلم الأستاذ :
دحّه إسماعيل حفظه الله : من أحفاد سيدي أحمد بن سليمان رضي الله عنه ، أستاذ اللغة العربية وآدابها بمتوسطة تغزوت .
سيدي أحمد بن سليمان ، المولود سنة 1178 هـ الموافق لـ 1765 م ، من الأوائل الذين أخذوا لواء الطريقة التجانية سنة 1202 هـ الموافق لـ 1786 م في وفد صغير يجمع أهل سوف (قمار) إلى عين ماضي ، حيث نال الشرف العظيم في خدمة القطب المكتوم رضي الله عنه والمحبة الخاصة . وفي تلك الزيارة أمرهم الشيخ رضي الله عنه ببناء الزاوية ، فبُنِيَتْ في تغزوت . لكن في الموسم الثاني للزيارة أمرهم ببنائها في مكانها المسطر لها من قِبَلِ المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وترْك الزاوية الأخرى التي بتغزوت .
لقد حاز من الشيخ رضي الله عنه الفضل والشرف في خدمته والتربية الروحية ، وقد خصه الله بزيارة الشيخ رضي الله عنه أكثر من ثلاث عشرة مرّة ، وخُصّ بالتقديم المطلق منه رضي الله عنه ، وخُصّ كذلك بإسناد سيّدنا رضي الله عنه على صدره عند وفاته ، ونال شرف تغسيله له ، ودفنه بزاويته الشريفة بفاس من القطر المغربي الشقيق .
وبعدها رجع إلى سوف ، ثمّ دام في خدمة الشيخ سيّدي الحاج علي التماسيني رضي الله عنه ، خليفة القطب المكتوم رضي الله عنه ، ونال منه المحبّة الخاصة ، والتربية الكاملة ، وخدمته الشريفة ، فقد كان من الملازمين في خدمته رضي الله عنه ، وخدمة نجْلَيْ القطب المكتوم رضي الله عنهم حتى وفاته سنة 1254 هـ الموافق لـ 1838 م .
دفِن رضوان الله عليه بزاويته بتغزوت ، ولاية الوادي ، وترك ثلاثة أولاد هم :
-
سيدي الحبيب .
-
وسيدي علي .
-
وسيدي محمّد الملقب بـ " أبّايَ حَمَّهْ " ، والذي خلف والده رحمه الله من بعده .
-
والبنت المصونة الطاهرة العفيفة لالّه فاطمة زوجة الشيخ سيّدي محمد العيد رضي الله عنه .
إضافة بقلم :
محمود سلطاني
لا تزال زاوية سيدي أحمد بن سليمان التغزوتي منارة متلألئة في سماء الإسلام ، ونبراسا ومرجعا يحول بين أحباب تغزوت وبين الضياع والتشتّت والتنكّر للمبدإ . وقد تعاقب على الزاوية خيرة أبنائه وأحفاده ، وكان لكلّ واحد منهم بصماته الشريفة ، وإضافاته النورانية لإرث الأجداد المقدّس .
ومنذ أن أُنشِئتْ وإلى يوم الناس هذا ، لم تنقطع تلاوة الوظيفة في الزاوية صباحا ومساء ، ومرّت أجيال معلّمي القرآن تترى ، تحفّظ آي الكتاب الحكيم ، وتخرج الطبقة تلو الطبقة من المتقنين الذين طار صيتهم إلى خارج حدود وادي سوف ، وكان الحاضر الدائم ، والموحّد الأكبر ، وقاسم الجميع المشترك في كلّ عصر هو : مولانا المقدّم المبجّل ، حامل لواء محبّة الشيخ ، ورمز الإخلاص والخدمة ، وباعث روح العقيدة الصحيحة في أوصال أبناء تغزوت .
لقد ثبت بالشواهد الصحيحة ، وأقوال الخلفاء الكرام من أبناء سيدي الحاج علي التماسيني ، أو أبناء القطب المكتوم رضي الله عنهم جميعا ، أن لتغزوت الغرّاء مرتبة خاصة عندهم ، ونصيب من الرضى لم تدركه غيرها من المناطق والأقاليم على جلالة قدرها . نصيب روحه ولحمته وسداه الإخلاص والغيرة وإنكار الذّات في حب الزاوية التجانية ، والإستعداد الصادق للتضحية بكل شيء من أجل الشيخ رضي الله عنه ، وتقديم الأشراف على من عداهم ابتداء من النفس والأهل . وما كان ذلك ليكون لولا زاوية سيدي أحمد بن سليمان ، وأبنائه المقرّبين الأجلاّء ، رضي الله عنهم .
خلفاء سيدي أحمد بن سليمان رضي الله عنه
- سيدي محمد ( أبّايَ حمّهْ ) .
- سيدي محمد الأخضر .
- سيدي محمد .
- سيدي بن عمر ( الخليفة الحالي حفظه الله وأطال في عمره لنا ) .
وإذا كان كل الخلفاء آية في العقيدة والخدمة والتقى ، فإن ما تميّز به سيدي محمد الأخضر رضي الله عنه - زيادة على ما ذكرنا - هو غزارة العلم ، والشاعرية الراقية ، ورهافة الحسّ ، وينابيع الذوق الرفيع للأدب والتأليف النافع .
ألّف رضي الله عنه الكثير ، وقد يتيح المولى عزّ وعلا الفرصة لإخراج الأعمال إلى الناس على نطاق واسع ، ولكننا نقدّم نموذجا من إنتاجه المبارك بصفته غيض من فيوضات الله عليه .
من أقوال سيدي أحمد بن سليمان رضي الله عنه
من شدّة حرصه على الأحباب ، وعظيم حبّه لهم واهتمامه بهم ، صرّح بعبارته المشهورة ، التي لا نزال نرددها اليوم ، وإلى الأبد إن شاء الله ، قائلا : " سأجعلكم تفوزون بالقوّة " .