رسائل الإمام التماسيني وخلفائه رضي الله عنهم في توطيد أواصر الأخوة والمحبّة بيـن الشعبيـن الشقيقيـن الجزائري والتونسي .
أوت 2007
مقدّمة معِدّ الرسائل
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد آله وصحبه وسلم تسليما .
لقد ساهمت الطريقة التجانية في ربط العلاقات بين الشعوب والدول ، ومن ذلك ما حصل من ترابط وثيق بين الشعبين الشقيقين الجزائري والتونسي ، الذي برز منذ ظهور الطريقة على يد الشيخ الأكبر سيدي أحمد التجاني ثم استمر في خلافة سيدي الحاج علي التماسيني حيث أرسل سيدي الطاهر بن عبد الصادق سفيرا ونائبا له في القطر التونسي ، هذا الأخير هو الذي وطدّ روابط الأخوة والمحبة بين علماء وملوك تونس من جهة والإمام التماسيني وخلفائه الميامين من جهة أخرى .
كما لا ننسى الزيارة التاريخية التي قام بها شيخ الإسلام سيدي إبراهيم الرياحي إلى زاوية تماسين سنة 1822 ، والإقبال الذي حُظِيَ به من قِبَلِ الإمام التماسيني . وبعد هذه الزيارة صرّح الإمام الرياحي قائلا: " إنّ الإمام التماسيني وضع يده على صدري أولا فحصلتُ على خير الدنيا ووضعها ثانيا فوجدتُ خير الدنيا والأخرى " ، فجادت قريحته بالأبيات التالية:
إذا ما وضعتَ الأرض في فلك العلا ونزّلتَ سكـانَ السمـا بحبال
وسقـتَ شمـالَ الدار نحـو يمينها و أهـل يمين في مكان شمال
و طـوّعتَ من أقطـارها كل جانب وبينـتَ منها ما بـدا بجمال
فأنتَ حكيـم الوقت صـاحب سـرّه فدونـك أقفـال بلغـز مقـال
وفي آخر حياته قام سيدي إبراهيم الرياحي باحتفال باهر ومأدبة فاخرة، ولما سئل عن ذلك أجاب: " جميع ما وعدني به الإمام التماسيني حصل لي والحمد لله .
ومما تجدر الإشارة له في هذه العجالة ، ذكر مواقف ملوك الدولة التونسية في استقبال خلفاء الإمام التماسيني عند أدائهم مناسك الحج وذلك في سنوات 1845، 1854، 1856، 1859، 1866، 1883 و1885، والتي كانت فرصة للقاء بين الخلفاء وعلماء تونس منهم : سيدي إبراهيم الرياحي، سيدي مُحمد النيفر، سيدي صالح النيفر، العلامة محمد بيرم، العلامة محمد الشريف، سيدي علي بلقاسم، سيدي محمد الرياحي، سيدي حمدة شوشان، سيدي إبراهيم معلا، سيدي إبراهيم السوداني، سيدي حمودة الجلولي الخ...
وهذه نماذج من رسائل الخليفة الأعظم سيدي الحاج علي اتماسيني وخلفائه للقطر التونسي إرساءً لأواصر المحبة والأخوة بين الشعبين الشقيقين، منقولة من مخطوطات العلامة الحجوجي الفاسي وبعض كنانيش رجال الطريقة بمنطقة سوف.
رسالة الإمام التماسيني رضي الله عنه (1)
الحمد لله وحده لا شريك له
بحمد لله جل جلاله يصل الكتاب إلى سيدنا الحاج علي بن سليمان الشريف الحسني ، وأما قولك على تونس فإني قابلته صلى الله عليه وسلم وطلبته أن يضمنها لي صلى الله عليه وسلم فضمنها لي ضمانة لا تنقطع فهي مسمية عليّ هي وسكانها لا مدخل إلى أحد فيها بالاستحقاق .
عليك بهذا الدعاء المبارك وهو أن تقوم نصف الليل وتتوضأ وضوءا جديدا وتصلي ركعتين وتسلم فإذا فرغت فارفع إلى الله الدعاء وقل: يا عالم الغيب ... وتتم بعد ذلك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبع مرات اهـ
رسائل الخليفة الشيخ سيدي محمد العيد الأول
الرسالة الأولى (2)
الحمد لله ، وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله . فمن سيدنا الأسنى ، وذخيرتنا الحسنى ، محبّ الأحباب الحقّاني ، أبي عبد الله الشيخ سيدنا محمد العيد بن الحاج علي التجاني ، إلى كافة الأحباب الصادقين ، عموما وخصوصا ، كل منهم باسمه ، وخصوصا الأجَلّ السيد الحاج إبراهيم التجاني نجل السوداني ، والفاضل سيدي إبراهيم معلى ، أمّنهما الله ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فإني أحمد إليكم الله الذي جلّت أياديه ، ولا يفلح محاربه ومعاديه ، نسأله لنا ولكم العافية ودوامها ، والنعمة وتمامها ، بمنّه وكرمه ، وقد ورد علينا مصدوركم الأعزّ ، مبشرا بسلامتكم التي هي عندنا من أقصى المراد ، ومنبّئا على ما أنتم عليه من رسوخ القدم في خالص المحبة وصادق الوداد ، فحمدنا الله تعالى لكم على ما أولاكم وخصّكم به من برّه وامتنانه ، وسألناه لكم المزيد من سوابغ نعمه بمحض فضله وكرمه وإحسانه ، الذي منّ علينا وعليكم بهذه الطريقة الأحمدية الإبراهيمية الحنيفية التجانية ، في هذا الزمان ، لمّا فسد الأوان ، ومدّ الزمان لها يد الحدثان ، وكثر الفساد والحرمان . أوصيكم وإيّاي بتقوى الله العظيم ، في السر والعلانية ، والتمسك بهذه الطريقة المحمدية والتحفظ عليها ، ومن مجالسة المبغضين والمنكرين السفهاء ، لأنه قال الشيخ رضي الله عنه : إنّه سمّ يسري، يضل صحبه في خسر، حتى قال: لا تصلِّ خلف منكر الخ من باب أحرى مجالستهم ، وأصلحوا ذات بينكم ، ولا تباغضوا ولا تنازعوا وكونوا إخوانا ، ولا تؤذوا بعضكم بعضا ، لأنّ ذلك من أعظم الكبائر عند أهل هذه الطريقة ، لِما نهانا عنه سيّد البشر ، لأنه إذاية له صلى الله عليه وسلم ولشيخنا رضي الله عنه ، واقرءوا على الأحباب هذه الرسالة ، ويقف كل أحد منهم عند ما حدّ له ، ومن لم يقف عند ما حدّ له فلا يلوم إلا نفسه ، وقولوا لمحبنا سيدي أحمد شوشان يدم على عهده ، وصادق حبه ،لأنه مقدم من المقدمين ، ويحمد الله ويشكره ، ومن لم يشكر الله فقد تعرض لزاول النعمة ..... فإن مقاديم الطريقة التجانية شتى في مشارق الأرض ومغاربها والسودان والشنجيط ، إلاّ أنّ لكل واحد منهم أرض يتصرف فيها ، وأما أرض افريقية حرسها الله بعينه التي لا تنام كان ضَمَنَها والدنا وحُسِبتْ عليه ظاهرا وباطنا ، ونحن على أثره مقتفين فلا يتصرف فيها غيرنا ، لاسيما في هذه الدولة الحسينية ، فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر ... والأمر لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
الرسالة الثانية (3)
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وسلم.
بعد حمد الله جلّ جلاله ، وعزّ كماله ، وتعالى مجده وكرمه ، يَصِلُ الكتاب إلى الأحبّ الأكمل ، الصدوق الأفضل ، من نرجو له مراتب الكمال ، ومبلغ الرجال ، سيدي علي بن بلقاسم الرزقي وكافة من يلوذ به ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد :
فإني أحمد إليكم الذي لا اله إلا هو ، والذي هو ذو بال أنّ سيدنا أمرني أن أخبركم بأمر بديع ، قوي شنيع ، لا يكاد ردّه ، ولا يأتي ضدّه ، وذلك ثمرة الفؤاد ، وسدّ عين الرقاد ، مولانا سيدي محمد الحبيب بن مولانا التجاني انتقل من دار الفناء إلى دار البقاء ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم . لقد تقطعت الأكباد مصيبته ورزيته ، وجلّ عن الصبر ، فالله يعظم أجرنا وأجركم ، ويحسن عزاءنا وعزاءكم . إلا أنّنا نسلّي النفوس ، ولأنه لا بدّ من اللحوق ، وأنّ محلّه الذي سار إليه هو المحلّ الأصلي الذي إليه المرجع ، كما منه البدء والمنبع ، أصلح الله لنا ولكم الأحوال ، ووقاكم جميع الأهوال ، والأمر لله ولا حول ولا قوة إلا بالله . . .
من مولانا سيدي محمد العيد بن مولانا سيدي علي رضي الله عنهما وعنا بهما عن إذنه .
رسالة الشيخ سيدي محمد الصغير إلى سيدي علي بن بلقاسم الرزقي (4)
الحمد لله وحده ، وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمّد وسلّم . عرّف الله محبّنا ومحبوبنا أسرار يواقيت جواهر الفتوحات ، وألهمه إدراك علوم جواهر المعاني وما فيه من البركات ، وحقّقه بدقائق منية المريد ، وأحاطه بغوامض حجّة الله البالغة بما فيها من القول السديد ، وأذاقه سرّ مواقع النجوم ولواقح الأنوار ، وملّّكه سوابغ درر العلوم وما لها من التعظيم والإكبار ، وفتح له من بحور الفاتح لما أغلق ما يستغني به عن سائر الأذكار ، أعني الجليل الذي لم يشغله عن ذكر الله شاغل ، المتشبث بما ينفعه من أعظم الوسائل ، الهمام النافع ، الكهف المانع ، الأمير المشير ، القائم بأمر الله ، أبو الحسن سيّدنا علي أدام الله سروره ، ووقايته وحبوره ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ورضوانه وتحياته . أما بعد ، فإنّ الذاكر سيّدي محمّد نجل صنونا سيّدنا محمّد العيد تأهّب للحج وصُحْبته بعض ذرية الشيخ ، ورام المرور بأيالتكم ، فوافقْنا على حسب العادة ، وفّق الله الجميع ، ودمتم في أمان وعافية ، والسلام من الداعي لكم بالخير الشيخ سيدي محمد الصغير بن أبو الحسن الحسني سيّدي الحاج علي التجاني ، كان الله له .
في 25 رجب الفرد سنة 1304 .
رسائل علامة أفريقيا سيدي إبراهيم الرياحي إلى سيدي الطاهر بن عبد الصادق القماري .
الرسالة الأولى
ألا قل لسكان وادي العقيـق هنيئا لكم في الجنان الخلود
أفيضوا علينا من الماء فيضا فنحن عطـاش وأنتم ورود
لو كانت لي قوة أسافر إليك ما بقيت في ألم الحيرة ، أفلا تعطيني حق محبتي لك وصحة اعتقادي فيك يا من إذا تذكرته انشرح صدري وكبر طمعي ، وأنت تعرف من زمان شدة عطشي ، وما حصل لي الإذن فيما علمت إلا على يديك ، لكن وراء ذلك تحيرت حيرة شديدة في كيفية الذكر وكيفية التصرف بها ، فقد حصل لي القلق العظيم ، إرحمني بما يشفي علّتي ويبرّد غلّتي ، على وجه النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وعلى وجه الشيخ سيدي أحمد ، ووجه الشيخ سيدي الحاج علي ، وأعظم من ذلك أن تتوجه لي في رؤية وجه النبي صلى الله عليه وسلم بسهولة ،...هل يستوي الأعمى والبصير ، أم هل تستوي الظلمات والنور .
والمرجو من فضلك الجواب عاجلا ، فقد خلق الإنسان من عجل ، والسلام من المتعلق بأذيالكم ، إبراهيم بن عبد القادر الرياحي .
أواسط ذي الحجة الحرام عام 1260 هـ .
الرسالة الثانية
بحمد الله جلّ جلاله وعزّ كبرياؤه ، يَصِل الكتاب إلى حبيب الأحباب ، سيدي الطاهر بن عبد الصادق ، الذي طابق اسمه مسمّاه ، وكشف له الزمن عن معماه ، السلام عليكم ورحمة الله ، وبعد :
فالقلب إليكم شائق ، والحبّ في جنابكم العليّ الصادق ، ومورد الطمع في فضلكم رائق ، والبعد عنكم عائق وأي عائق ، لكنه وإن كان فاتقا فخلّكم الكريم راتق لذلك الفاتق ، هذا وحالنا كما لا يخفى عليكم في غمّة الجهل والضمأ من كثافة الحجاب ، والشوق إلى ما يبرئ من العلة ، ويبرّد الغلّة ، علما وعملا ، والخوف التام من الموت دون نيل شيء من ما نلت أنت وغيرك ممّا به صار الإنسان رجلا . نَعَمْ ، ما تقول إذا سألك الله عن تعلّقي بك وإلغائك لي ؟ فإن قلتَ إني لست أهلا لذلك فنعم ، لكنّك أنت تقول في كتبك التي ترسلها لي: " إلى سيدي ومولاي شيخ العارفين ، خليفة قطب الواصلين ، نخبة الصالحين ، العارف ا لكامل ، القدوة الواصل " ، وخذ لك من هذه الأوصاف التي أنا خليّ عنها . وإن قلتَ إني أهل أو لست بأهل ، ولكن غطّى كرمُك عدم تأهّلي ، فلِمَ لا توفي لنا بوعدك ، حتى وعدك الذي وعدتني في العام الماضي وأنا معانقك صدري على صدرك ، وقلبي على قلبك ، ويداي محضنة لك تحضينا شديدا ، وفي حالة الضم أقول وأنا في حالة غير معهودة: يا سيدي أحمد ، يا سيدي الحاج علي ، وأنا في نهاية الفرح والسرور بذلك ، ثم قلتَ لي : " نمشي إلى موضع نقعد أنا وأنت فيه وحدنا ، وإذا الباب دقّ في البيت الذي أنا نائم فيه ، فلما دقّ الباب استيقظتُ في حالة حسنة ، فحمدتُ الله على ذلك ، ورجوتُ لذلك خيرا ، والسلام التام والإكرام من مُحِبِّكم الراجي ، وليلكم الداجي ، إبراهيم بن عبد القادر الرياحي ، ومن أولاده الطيب وعلي ، وسائر الأحباب عموما، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
رسالة سيدي محمد الرياحي إلى أبناء سيدي الحاج علي التماسيني
الحمد لله ، وصلّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم . إلى سادتنا الأجلاّء الفضلاء ، الكمّل الأزكياء الأتقياء ، الفقهاء النجباء ، السيّد حميدة والسيد معمر والسيد الأخضر ، أبناء سيدنا وشيخنا القطب خليفة سيدنا وشيخنا ومن منّته وفضله على رقابنا ، الغوث الجامع أبي العباس سيدنا أحمد التجاني القطب المكتوم ، ومَن مقامه بين أكابر الأولياء معلوم أبي الحسن سيدنا الحاج علي التماسيني ، أقدم إليكم بين يديكم إهداء سلام من السلام إلى أهل السلام ، يعطّر شذاه ناديكم ، ويبوء نشره بين أيديكم ، يليق بمقامكم العالي ، ويروّح نوره روضكم المتوالي ، من كافة أحبابكم ، وخَدَمَةِ جنابكم ، أهل الطريقة التجانية الاحمدية من أهل المدينة بالحضرة التونسية ، دفع الله عنها كل أزمة وبليّة ، بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، وكل ولي وتقي وتقيّة ، آمين .
أما بعد ، جعل الله مَقْدَمَكم مَقْدَمَ خير وبركة ، وتفريج كرب ، وزوال محن وشدة على قطرنا ومصرنا ، نرجو ذلك من فضل الله تعالى ، ومن بركات رجال هذا الطريق السعيد ، اللهم حقّق ذلك وأتْمِمْهُ لنا من فضلك .
وقد هيّأناا لكم منزلا رحْبا في وسط المدينة يليق بالمقام ، بحيث أن المسجد الجامع بقربكم ، ولا يشقّ عليكم شيئا تريدوه ، لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وهمّة أسيادنا وزاويتكم التجانية الإبراهيمية التي أسست من أول يوم على تقوى من الله تعالى ...... والنظر الأعلى لكم ، والسلام الأكمل مِن مُحِبّكم ، وخديم جنابكم ، المتطفّل على أعتابكم ، الفقير إلى ربّه الباري ، عبده محمد بن محمد ستاري ، والشيخ الأكمل الفاضل الحسيني السيد محمود محسن ، والسيد محمد بن الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي ، وكاتب الحروف محمد ستاري ، أصلح الله أحوالنا ، وبلّغ من الخير آمالنا ، آمين .
وكتب يوم الأحد 12 من رجب الاصب سنة 1270 سبعين ومئتين وألف .
- هذه الرسالة يُسميها إخواننا التونسيون بالضمانة ، وهي منقولة من خط المقدم محمد الامزالي الرباطي الذي نقلها من خط المقدم سيدي علي شوشان .
- هذه الرسالة بخط أخيه الشيخ سيدي أمعمر .
- هذه الرسالة بخط أخيه الشيخ سيدي محمد الصغير .
- هذه الرسالة بخط كاتب الشيخ سيدي محمد الصغير.